في فصل الدين عن الدولة، وبذلك يُمَكِّنُ الاستعمار لنفسه ويثبت قدميه كلما حال بين المسلمين وبين الدين.

وقد ساعد على نجاح المستعمرين والمبشرين أن الحكومات الإسلامية تمنع تعليم الدين في المدارس، وأن كتب التعليم جميعها مترجمة عن الكتب الأوروبية، وأن الإشراف على التعليم كان فيما سلف للأوروبيين من مستعمرين ومبشرين، فطبع المسلمون أفواجًا أفواجًا بطابع التبشير والاستعمار، وخرجوا من المدارس لا يعرفون إلا أن الدين الذي لم يتعلموا شَيْئًا منه لا يصلح لشؤون الحكم والسياسة، وأنه يجب أن ينحى عن الشؤون الدنيوية، وأن يكون علاقة بين الإنسان وربه، وأن التخلص من شيء من أحكام الدين يُقَرِّبُ الشعب خطوة من المدنية والتقدم، وسيطر هؤلاء المسلمون فيما بعد على شؤون الحكم والتعليم وغيرهما من شؤون الأمة، فداروا في نفس الدائرة التي رُسِمَتْ لهم، وكانوا أمناء على تعاليم أساتذتهم، ولم يخرج عليها إلا من هيأت له ظروفه أن يدرس وأن ينقد وأن يوازن. وحينئذ استطاع أن يعرف أنه أُلعوبة في يد المستعمرين والمبشرين.

الفصل بين الدين والدولة:

وَقَدْ اسْتُغْفِلَ المسلمون إلى حد كبير حين أُفْهِمُوا بأن سبب تقدم أوروبا هو الفصل بين الدين والدولة، لأن الدين المسيحي الذي تدين به أوروبا لَمْ يَأْتِ بمبادئ وأحكام يقوم عليها نظام الحكم والإدارة والسياسة والمعاملات وغيرها. وقد جاء هذا الدين في عصر الدولة الرومانية، فاحتضنته تلك الدولة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015