وهكذا يمنع الإسلام الثروات أن تتضخم، وينقلها من يد واحدة إلى أيد كثيرة، ويعطي للحكومات الحق في أن تقتطع من ثروات الأفراد ما يصلح حال الجماعة، ويرفع مستوى الفقراء والمعدمين، ويحول بين الأغنياء وبين الترف الذي يفسد الأفراد والجماعات، ويجعل المال في يد الفقراء والأغنياء على السواء، ولا يتركه في يد الأغنياء وحدهم: {كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: 7]. ويتبين مما سبق أن سياسة الإسلام في المال تقوم على المبادئ الآتية:

[أ] المال مال الله والناس مستخلفون فيه، فهم قُوَّامٌ عليه ووكلاء فيه وليسوا أصلاء.

[ب] إذا كان للقائم على المال حق فيه فإن للغير أيضًا حقوقًا على هذا المال يجب أن تقضى منه، كرِه ذلك القائم على المال أو أحبه، والنصوص في ذلك صريحة منها قوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141]. وقوله: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} [الإسراء: 26]. وقوله: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ، لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [المعارج: 24، 25]. وقوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ} [التوبة: 103].

ويلاحظ أن حقوق الغير على المال معينة، أي لا تتجاوز نسبة معينة منه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015