بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ} [الإسراء: 6]. {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لاَ تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ} [العنكبوت: 60].
وإذا كان المال على اختلاف أنواعه وأشكاله مال الله والناس مستخلفين فيه ووكلاء عليه، فليس لأحدهم أن يحبس ما في يده من هذا المال عن غيره إذا كان في حاجة ماسة إليه، وليس له أن يحبسه عن المصالح العامة، وليس له أن يستأثر به دون غيره، وليس له أن يكنزه وقد خلق لينتفع به الناس، وليس له أن يظن إذا أعطى غيره شَيْئًا من هذا المال أنه يعطي شَيْئًا من عنده، وإنما هو وسيط أعطى غيره من مال الله كما [أخذ هو] لنفسه من مال الله، وهذا المعنى ظاهر في قوله تعالى: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [النحل: 71]. أي أن الله - جَلَّ شَأْنُهُ - فضل بعض الناس على بعض في الرزق وجعل بعضهم خَدَمًا ومماليك للبعض الآخر، فالذين فضلوا في الرزق ليسوا هم الذين يرزقون خدمهم وعمالهم ومماليكهم، وإنما هم وسطاء في إيصال رزق الله إليهم، فالكل سواء يستمدون من الله الرزق وهو الذي يرزق المالك والمملوك، والسيد والخادم، والأمير والحقير.
وهذا المعنى ظاهر أيضًا في قوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33]. وهذا النص خاص بالمكاتبين من الأرقاء، وحكمه إعانة هؤلاء المكاتبين على أداء