الحقوق، فالتقوى إذن صفة تؤثر في صلة الإنسان بربه، أكثر مما ثؤثر في صلة الإنسان بغيره، والتفاضل الذي ينشأ عن التقوى هو تفاضل معنوي لا مادي.
2 - العدالة المطلقة:
ويقيم الإسلام المجتمع على العدالة المطلقة المجردة عن القيود، العدالة التي تتسع للأصدقاء والأعداء، ولا تفرق بين الأقرباء والغرباء، العدالة التي لا تعرف الميل والمحاباة، ولا تنكمش عن ذوي النفوذ والجاه، العدالة التي تعطي الحق لصاحبه لأنه محق، وتأخذ الحق من المبطل لأنه مبطل، العدالة التي تعتبر الضعيف صاحب الحق قويا بحقه حتى ترد له حقه، وتعتبر القوي غاصب الحق ضعيفا حتى تسترد منه حق غيره. العدالة التي أمر الله بها ووصفها في قوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل: 90]. فهو يأمر - جَلَّ شَأْنُهُ - بالعدل وبالإحسان في العدل، فلا يكفي أن يكون المرء عادلاً، وإنما عليه أن يحسن ما استطاع في عدله. وقوله: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58]. وقوله: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [الأنعام: 152]. وقوله: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا} [المائدة: 8]. وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا} [النساء: 135].