وليس فيها إلا النساء، ثم يبلغ هذا كله أو بعضه للقائمين على القانون فلا يفعلون شَيْئًا، ثم تثار هذه الاتهامات أمام المحاكم ويرددها أكثر من متهم، وتؤيدها الأوراق الرسمية والكشوف الطبية فلا تحاول النيابة العامة أن تحقق في هذه الاتهامات الفظيعة لتحمي على الأقل سُمعة القانون وسمعة القائمين عليه.

هل يستطيع القاضي أن يتجرد في بلد يعلم كل من فيه أنهم يعيشون في فوضى، وأن الحق للأقوى، وأن القانون المسكين إنما هو أداة لجر المغانم والترخيص بالمظالم، وأن وظائف الدولة وخيراتها مقصورة على الأنصار والمحسوبين والمنسوبين، وأن النفاق هو وسيلة النجاح في الحياة، وأن التحلل من الأخلاق والإباحية هو أول ما يقرب إلى ذوي النفوذ والجاه؟

هل يستطيع القاضي أن يتجرد في بلد يعيش في عهد الإقطاع، تقوم الحياة فيه على استغلال الأقوياء القاعدين للضعفاء العاملين، فالضعيف يشقى لينال اللقمة الجافة، ويكدح ليحصل على اللباس الخشن، بينما يتحول كدح الضعيف وشقاؤه ذهبا نضارا يصب في جيوب القاعدين المترفين، فيستحلونه لأنفسهم ويحبسونه عمن هو أحق به منهم، فإذا شكا الضعيف الكادح هذا الوضع، استُعينَ عليه بالحاجة طورا، واستُعينَ عليه بالقانون طورًا آخر، حتى برم الضعيف بضعفه وبالقانون، وبدأ يتمرد على الوضع الذي هو فيه وعلى القانون الذي يحميه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015