مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} أي من يملك كل شيء وغيره لا يملك شيئاً بل هو نفسه مملوك ومن السيد العظيم الذي يجير أي يحمي من شاء فلا يستطيع أحد أن يناله بأذى ولا يجار عليه ولا يستطيع أحد أن يحمي ويؤمن من أراد الله عذابه أو إهلاكه فسيعترفون ويقولون: الله وحده هو الذي يستطع ذلك، فقل لهم: كيف تذهب عقولكم فتشركون مع الله غيره في عبادته، قال تعالى في سورة الأعراف: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ, ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ, وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} .
قال في اللسان: "الرب في اللغة يطلق على المالك والسيد المدبر والمربي والقيم والمنعم ولا يطلق على غير مضاف إلا على الله عز وجل".اهـ.
قال ابن كثير في تفسير هذه الآيات: "يخبر تعالى أنه خالق العالم سماواته وأرضه وما بين ذلك في ستة أيام، كما أخبر بذلك في غير ما آية من القرآن، واختلفوا في هذه الأيام هل كل يوم منها كهذه الأيام كما هو المتبادر إلى الذهن أو كل يوم كألف سنة كما نص على ذلك مجاهد والإمام أحمد بن حنبل، ويروى ذلك من رواية الضحاك عن ابن عباس. الشهادة.
وقوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} قال فيه الإمام مالك رحمه الله: الاستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة، وهذا أحسن ما قيل في تفسيره فإن الاستواء في لغة العرب معلوم معناه وكيفية ذلك لا يعلمها إلا الله واعتقاد السلف الصالح إمراراً آيات الصفات كما جاءت من غير تشبيه ولا تعطيل، ثم قال ابن كثير وقوله تعالى: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً} أي يذهب ظلام هذا بضياء هذا وضياء هذا بظلام هذا وكل منهما يطلب الآخر طلباً حثيثاً أي سريعاً لا يتأخر عنه بل إذا ذهب هذا جاء هذا وعكسه {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} منهم من نصب ومنهم من رفع وكلاهما قريب المعنى أي الجميع تحت قهره وتسخيره ومشيئته ولهذا قال منبهاً: