عذاب نظام رأس المال وجحيمه، ومع ذلك كله لم تنقطع الهجرة والفرار وقد هرب من ألمانيا الشرقية إلى ألمانيا الغربية بواسطة برلين الغربية منذ نهاية الحرب أكثر من أربعة ملايين وحتى بعد بناء السور لا يزال الناس يهربون ويتركون بيوتهم وأمتعتهم ويفرون بأنفسهم مؤثرين الحرية على كل شيء سواها من متاع الدنيا، وحوادث هذا الفرار لا تزال تتلى صباح مساء في الإذاعات على مسامع القراء وما أحسن المثل العامي الذي يقول: (حتى كلب ما هرب من دار العرس) معناه بالفصحى: (لا كلب يفر من الدار التي تصنع فيها وليمة العرس بل بالعكس كل كلب يحب أن يأتيها لينال من فضلات الطعام) ومن أغرب ما سمعته من إذاعة لندن في هذا الصدد أن خمسة وعشرين شخصاً اتفقوا على أن يحفروا نفقاً يبتدئون من دار أحدهم وكانت داره بقرب السور فقضوا مدة في الحفر كل ليلة يحفرون ساعات ويقومون بأعمالهم المفروضة عيهم في النهار حتى وصلوا النفق إلى مبنى في القسم الغربي ولما انتهى النفق خرجوا كلهم ذات ليلة وتركوا الدار تنعي من بناها، وهناك حوادث كثيرة طريفة وعجيبة يعرفها من يتتبع مثل هذه الأخبار.
وأما سلب الحريات فيجب على كل عضو في الحزب أن يكفر بجميع الأديان وأن يؤمن بعصمة شارل ماركس في كل ما شرعه واعتقده ولينين، وكان ستالين ثالث ثلاثة إلى أن خلعه نائبه وشريكه في كل ما ارتكبه خروتشوف بعد وفاته فبطلت قدسيته عند بعض الشيوعيين وبقيت ثابتة عند بعضهم، أما من لم يكن من المشتركين في الحزب فيجوز له أن يقول إنه مسلم أو نصراني بشرط أن لا يرد شيئاً ولا ينتقد شيئاً من نظام شارل ماركس ولا من الأنظمة التي يضعها الحزب الشيوعي ومع ذلك يكون محتقراً موضع سخرية واستهزاء.
أما في السياسة فلا يجوز له أن يعتقد إلا سياسة الحزب وإن تناقضت يتناقض معها فكل الزعماء الذين رفضهم الحزب يجب على جميع الناس أن يقلبوا لهم ظهر المجن ويذموهم بعدما مدحوهم أعظم المدح كتروتسكي ومالينوف ومولوتوف وخروشوف. وأما ستالين فقد تقدم خبر رفعهم له