والقرآن مليءٌ بالأمر بالاجتماع على الحق ومدحه، وذَمِّ الافتراق عنه والتفرق فيه، والأمر بجهاد الباطل وأهله، وقد سماهم أهل الشقاق، وأهل النفاق، وأهل الكفر، أو الفسق والفجور، وجمع لهم أوصافَ الذمِّ وأسماءَه.

هذا هو الأصل العظيم الجامع، الذي أقيمت عليه شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الإسلام، بل جًعِلَ النظام السياسي كله قائمًا على هذا الأصل، فمقصوده إظهار الحق الذي تحمله الأمّة بالوحي، إظهاره أي جَعْلُه ظاهرا بالقوة والعلوّ، بين المؤمنين، وعلى الأرض كلها بجهاد الطلب.

غير أن هذا لا يعني أنه ليس في الإسلام مساحة لتعدد الآراء، والتسامح في الخلاف، مادام ذلك لا يكون في دائرة المحكمات، والثوابت، ومثال ذلك المسائل الاجتهادية التي لا نص فيها، لأن الله - سبحانه وتعالى - شاء بحكمته أن يكون فيما أنزل محكمات هنّ أمّ الكتاب، يجتمع عليها أهل الحق ولا يتفرقون، ومتشابهات يجري وقد يسوغ فيها اختلاف النظر والاجتهاد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015