العصر لها نظام دستوري، وأحكام دستورية واضحة، بالرغم من عدم تدوينها في وثيقة الدستور؛ وذلك لأن مناط وجود الدستور هو سيادة أحكامه، لأهميتها. من بين سائر الأحكام القانونية الأخرى، فإذا تحققت هذه السيادة، وهذا السمو لأحكام الدستور، فلا يؤثر بعد ذلك تدوين هذه الأحكام أو عدم تدوينها، أو جمعها في وثيقة واحدة أو تفريقها في عدة وثائق، والقواعد الدستورية في المملكة العربية السعودية طبقا للنظام الدستوري الإسلامي تنقسم إلى قسمين، هما: الأحكام الثابتة، والأحكام المتغيرة، فالأحكام الثابتة هي نصوص القرآن والسنة، وما أجمع عليه علماء المسلمين من أحكام، وما كان من مبادئ الإسلام العامة في الشؤون الدستورية، كالشورى، والعدالة، والتعاون. . أما الأحكام غير الثابتة فهي الأحكام المستنبطة عن طريق الاجتهاد، والأحكام المتعلقة بالأساليب والوسائل والأنظمة والتفصيلات، التي تختلف تبعا لاختلاف ظروف الزمان والمكان، والمرجع في استنباط هذه الأحكام والأمور الدستورية هو الشريعة الإسلامية، وعلماء الشريعة هم المرجع لمعرفة الأحكام الشرعية عند الاشتباه.
فالأحكام الثابتة موجودة في مصادرها وهي القرآن والسنة، ولا يجوز أن يخالفها أي حكم آخر مهما كانت درجته وأهميته.
وسنستعرض هنا المؤسسات والوثائق الدستورية في المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز رحمه الله، هذه المؤسسات والوثائق ذات العلاقة بالشؤون الدستورية التي مصدرها الاجتهاد وتتغير حسب المصلحة وظروف الزمان والمكان، ويعكس هذا الاستعراض مدى اهتمام الدولة السعودية منذ نشأتها بالجانب الدستوري ومؤسساته واهتمام قيادتها بذلك حتى قبل أن يتم توحيدها، والاستعراض التالي يوضح لنا التاريخ الدستوري لهذه البلاد.