ذلك عرض موجز لمحتويات الدستور، ويظهر جليا تأثر هيكله بالهياكل الدستورية في الدول الغربية، من حيث التقسيمات، وما يجب أن يحويه الدستور؛ ويرجع ذلك إلى أن فكرة إصدار هذا الدستور كانت نتيجة لضغوط الدول الأوربية، وفي هذا الصدد يذكر ساندي في دراسته عن عملية تدوين الدستور في الدول الإسلامية أن الحاجة إلى التقنين سواء في الميدان الدستوري أو المجالات القانونية الأخرى قد ظهرت في العالم الإسلامي نتيجة للنفوذ الغربي، ويضيف بأن الحاجة إلى وضع الدستور في الدول الإسلامية قد نشأت من الرغبة في تقليد المعايير الغربية (?) .

كما يذكر بعض المؤرخين أن مضمون الدستور العثماني كان متأثرا بالدساتير الأوروبية وأنه قد صيغ على نمط الدستورين البلجيكي الصادر عام 1830هـ والروسي الصادر عام 1850م (?) .

ولكن الدستور باعتباره من أوائل الدساتير المدونة للدول الإسلامية يعتبر من الوقائع الدستورية المهمة في العهود الإسلامية التي تلت عصر الراشدين باعتبار أولويته على الرغم من المآخذ التي أخذت عليه التي ذكرنا طرفا منها.

ويجدر أن ننبه هنا إلى أن ما تمارسه الدولة الحديثة من أعمال وسلطات، قد مارسته الدولة الإسلامية الأولى فعلا، فالسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية كانت معروفة في ذلك الوقت ونظمت هذه السلطات، وقعدت القواعد الضابطة لها، في ضوء المبادئ الأصولية والفقهية التي تولى شرحها وبيانها بعد ذلك العلماء المسلمون، ولكن دون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015