الجديدة نفسها مختصة بكل شيء تقريبًا، فترتب على ذلك تعطيل الشريعة تعطيلاً عمليًا لأن المحاكم الجديدة لا تطبق إلا قوانينها.
كذلك أنشأت السلطة القائمة على التعليم مدارس خاصة لتدريس القوانين، وقد جرت هذه المدارس على الاهتمام بدراسة القوانين، وإهمال الشريعة إلا في مسائل قليلة كالوقف، فأدى ذلك إلى نتيجة مخزية. إذ أصبح رجال القانون تقريبًا - وهم من صفوةالمثقفين - يجهلون كل الجهل أحكام الشريعة الإسلامية واتجاهاتها العامة، أي أنهم يجهلون بكل أسف أحكام الإسلام وهو الدين الذي تتدين به الدول الإسلامية.
ولقد أدى الجهل بالشريعة إلى تفسير النصوص القليلة المأخوذة عن الشريعة تفسيرًا يتفق مع القوانين الوضعية ويختلف عن الشريعة في بعض الأحوال، من ذلك أن قانون العقوبات المصري ينص على أن أحكام قانون العقوبات لا تخل في أي حال من الأحوال بالحقوق المقررة لكل شخص في الشريعة الإسلامية، وبالرغم من قيام هذا النص الصريح فإن الشراح المصريين لم يدرسوا هذه الحقوق كما هي موجودة في الشريعة، واكتفوا بأن يدرسوا من الحقوق ما يقره القانون الفرنسي، وأن يدرسوه على طريقة الشراح الفرنسيين، وأن يعللوه بقواعد القانون، كلما علله الفرنسيون، ولقد اندفع الشراح المصريون في هذا الطريق تحت تأثير عاملين: