وإن كفر بربه، واستكبر عن عبادته جعل حياته ضنكا، وجمع عليه الهموم والغموم، وإن ملك جميع وسائل الراحة، وأصناف المتاع.

ألست ترى كثرة المنتحرين في الدول التي كفلت لأفرادها جميع وسائل الرفاهية؟ ألست ترى الإسراف في أصناف الأثاث وأنواع الأسفار من أجل الاستمتاع بالحياة؟

إن الذي يدفع إلى الإسراف في ذلك هو خلو القلب من الإيمان، والشعور بالضيق والضنك، ومحاولة تبديد هذا القلق بوسائل متغيرة ومتجددة، وصدق الله حيث يقول: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 124] (?) .

3 - أنه يعيش في صراع مع نفسه، ومع الكون من حوله: ذلك أن نفسه فطرت على التوحيد، قال تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30] (?) وجسده استسلم لخالقه، وسار على نظامه، فأبى الكافر إلا أن يناقض فطرته، ويعيش في أموره الاختيارية معارضا لأمر ربه، فلئن كان جسده مستسلما فإن اختياره معارضا.

وهو في صراع مع الكون من حوله، ذلك لأن هذا الكون كله من أكبر مجراته إلى أصغر حشراته يسير على التقدير الذي شرعه له ربه، قال تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015