علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.
هو: ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوج ابنته السيدة فاطمة رضي الله عنها، وقد كانت نشأته في بيت النبوة من الأسباب المهمة في كثرة ما حمل من علم، وما اشتهر به من فقاهة، هذا إلى ما وهبه الله من فطرة سليمة لم تتدنس بشيء من أمور الجاهلية، فلم يسجد لصنم قط، ولم يشرب خمرا، ولا اقترف إثمًا، وما كان يتمتع به من قلب مضيء وعقل ذكي، ولسان فصيح بليغ، وقد روى معمر عن وهب بن عبد الله عن أبي الطفيل، قال: "شهدت عليا يخطب وهو يقول: "سلوني؛ فوالله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به، وسلوني عن كتاب الله؛ فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم: أبليل نزلت أم بنهار؟ أم في سهل أم في جبل؟ ".
وأخرج أبو نعيم في الحلية بسنده عن علي قال: "والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم أنزلت؟ وأين نزلت؟ إن ربي وهب لي قلبا عقولا، ولسانا سئولا"، وقد اشتهر بالفصاحة، والبلاغة، والبيان، والفتيا، وحل المشاكل، حتى قيل فيه: "قضية ولا أبا حسن لها".
وقد ابتلي رضي الله عنه بشيعة أسرفوا في حبه، فوضعوا روايات كثيرة جدا في فضائله، وفي التفسير وغيره وألصقوا به ما هو بريء منه، وقابلهم المبغضون له، فوضعوا في ذمه، ولمزه، وهمزه شيئا غير قليل، وهكذا: نجد أنه هلك فيه رجلان: محب غالٍ، ومبغض قالٍ.
وقد نقد أئمة الحديث وحفاظه هذه المرويات، وبَيَّنُوا الصحيح، والضعيف، والمكذوب، والمقبول من المردود، وسيأتي إن شاء الله بيان الكثير من ذلك.