وروى البخاري في صحيحه عن ابن عباس: أنها ليست بمنسوخة، وأنها في الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، لا يستطيعان أن يصوما، فعليهما أن يطعما مكان كل يوم مسكينا1.
وهذا: إنما يتأتى على من يفسر الإطاقة: بأنها تحمل الشيء بتكلف وجهد، ويشهد له: قراءة "يُطَوَّقُونَه" بضم الياء، وفتح الطاء، وفتح الواو المشددة، وأما قراءة العامة من القراءة المشهورة فتشهد للرأي الأول، وهذا إلى جانب كونه مثالا لتفسير الصحابي، لون من ألوان اختلاف الصحابة في التفسير.
ومن ذلك: ما روي عن ابن عباس في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ} 2، قال: كانت السماوات رتقًا لا تمطر وكانت الأرض رتقا لا تنبت، ففتق الله هذه بالمطر، وهذه بالنبات، فرجع السائل له إلى ابن عمر رضي الله عنهما، فأخبره بما قاله ابن عباس، فقال ابن عمر: كنت أقول: ما تعجبني جراءة ابن عباس على تفسير القرآن، فالآن قد علمت أنه أوتي علما". أخرجه أبو نعيم في الحلية، وذكره السيوطي في الإتقان3.
ومن ذلك ما روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها لما سألها ابن أختها عروة بن الزبير عن قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} فقالت: يابن أختي: هذه اليتيمة تكون في حجر وليها، تشركه في ماله، ويعجبه مالها وجمالها، فيريد أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا عن ذلك، إلا أن يقسطوا لهن، ويبلغوا لهن أعلى سنتهن، فأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن"4.
ومن ذلك: ما روي عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} .