وجهين: أحدهما: أن معناه: أنه أوتي من الوحي الباطن غير المتلو مثل ما أعطي من الظاهر المتلو.
والثاني: أنه أوتي الكتاب وحيا يُتلَى، وأوتى من البيان مثله، أي أذن له أن يبين ما في الكتاب، فيعمم ويخص، ويزيد عليه، ويشرح ما في الكتاب، فيكون في وجوب العمل به، ولزوم قبوله كالظاهر المتلوّ من القرآن.
وقوله: "يوشك رجل...." يحذر بهذا القول من مخالفة السنن التي سنها مما ليس له في القرآن ذكر، على ما ذهبت إليه الخوارج والروافض؛ فإنهم تمثلوا بظاهر القرآن، وتركوا السنن التي قد ضمنت بيان الكتاب، فتحيروا، وضلوا1.
وفي حديث معاذ حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قال له: "بم تحكم"؟ قال: بكتاب الله قال: "فإن لم تجد؟ " قال: بسنة رسول الله، قال: "فإن لم تجد؟ " قال: أجتهد رأي ولا آلو. أي لا أقصر، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره وقال: "الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله".
قال ابن كثير في تفسيره2: وهذا الحديث في المسند والسنن بإسناد جيد.
وروى ابن المبارك عن الصحابي الجليل: عمران بن حصين أنه قال لرجل سأله عن أشياء وطلب منه أن يجيبه بالقرآن: "إنك رجل أحمق، أتجد الظهر في كتاب الله أربعا لا يجهر فيها بالقراءة، ثم عدد عليه الصلاة والزكاة ونحو هذا، ثم قال: أتجده في كتاب الله مفسرًا؟! إن كتاب الله أبهم هذا، وإن السنة تفسر هذا، وقال مكحول: القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن، وقال الإمام أحمد بن حنبل: "إن السنة تفسر الكتاب وتبينه"3.
وهذا النوع من التفسير المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم هو الطراز المعلم، ويجب الاعتماد في هذا النوع على الأحاديث الصحاح، والحسان، وتجنب الأحاديث الضعيفة والموضوعة،