سلكت فيه مسلك الترجيح من إبداء الحجة والبرهان، مهتديا في ذلك بقولة الإمام الكبير إمام دار الهجرة: "مالك بن أنس" رحمه الله تعالى: "كل أحد يؤخذ منه ويرد عليه، إلا صاحب هذا المقام"، وأشار إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقد خالفت فيهما رأي إمامين كبيرين: الإمام الحافظ ابن حجر، والإمام الحافظ السيوطي على جلالتهما، والحق في الإسلام لا يعرف بالرجال، وإنما يعرف الرجال بالحق، ورضي الله تبارك وتعالى، عن سيدنا علي حيث قال: اعرف الحق تعرف أهله، وحسبي في كلا الحالين: ما وافقت فيه، وما خالفت أني مجتهد، والمجتهد مأجور؛ أصاب أم أخطأ، وصدق المبلغ عن رب العالمين صلى الله عليه وسلم حيث قال: "إذا اجتهد الحاكم، ثم أصاب فله أجران، وإذا اجتهد ثم أخطأ فله أجر" رواه مسلم في صحيحه.
3- لم يكن من خلقي إذا ما خالفت عالما مهما كان رأيه، أو مرويه، أن أتطاول عليه، أو أجهل؛ فليس ذلك من خلق العلماء في الإسلام وإنما هو من سمات الأدعياء، المغرورين العاجزين، وإنما كان ديدني: النقد الذاتي، الموضوعي، فأقابل الحجة -إن كانت- بالحجة، والبرهان بالبرهان، والشبهة بالحق واليقين؛ لأن علماءنا وأئمتنا الأوائل -عفا الله عنا وعنهم- حسناتهم أكثر بكثير من سيئاتهم -إن كانت- وصوابهم أوفى من خطئهم، وحقهم أعظم بكثير من باطلهم، وهم ليسوا بمعصومين، وإنما العصمة لله عز وجل ولرسله الكرام.
فمن ثم كنت رفيقًا غاية الرفق بالمفسرين الذين ذكروا الإسرائيليات والموضوعات في تفاسيرهم من غير تنصيص عليها، وكنت أغلِّب جانب الاعتذار عنهم، على جانب التثريب، والاستنكار، كما كنت في غاية الأدب مع الصحابة والتابعين الذين رووا هذه المرويات وحاولت الاعتذار عنهم غير مرة بأنهم إما رووها تحسينا للظن برواتها فيما هو محتمل للصدق والكذب، أو رووها، ولم ينبهوا إلى ما فيها من أكاذيب وخرافات، وأباطيل اعتمادا على ظهور ذلك لقارئها، أو أنهم رووها على سبيل الاستنكار لما فيها، ولكن الراوي عنهم لم ينقل لنا ذلك، أو أن هذه المرويات قد دست عليهم فيما دس في المرويات في الإسلام ومحاولة الاعتذار عنهم هو الأليق بأهل القرون الفاضلة الأولى بشهادة النبي -صلى الله عليه وسلم-