غياث ابن إبراهيم أنه دخل على المهدي وهو يلعب بالحمام، فروى له حديث: "لا سبق إلا في نصل أو حافر، أو جناح"، فزاد "أو جناح" إرضاء للمهدي، وقد روي أن المهدي قال له وهو خارج: أشهد أن قفاك قفا كذاب، وأمر بذبح الحمام، والكذب هو اللفظ الأخير فحسب، أما أصل الحديث فثابت، رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة.
وكذلك كان لنشأة الفرق الكلامية وغيرها من أهل السنة ومعتزلة، ومرجئة، وجبرية، وجهمية وكرامية و..... أثر كبير في إذكاء حركة الوضع، فقد حاول ضعفاء الإيمان، وأرقاء الدين منهم أن يؤيدوا بعض مذاهبهم وآرائهم بالأحاديث، وقد وضعت أحاديث في نصرة بعض هذه المذاهب، أو في الرد على بعضها الآخر، بحيث لا يشك الناظر فيها أنها مختلقة موضوعة، وذلك مثل: ما روي: "الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص"، ومثل: "الإيمان قول، والعمل شرائعه لا يزيد ولا ينقص" ومثل: ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال -وقد سئل عن الإيمان: هل يزيد وينقص، فقال: "لا، زيادته كفر، ونقصانه شرك" وإن أصبع الإرجاء لتظهر واضحة في مثل ما روي: "كما لا ينفع مع الشرك شيء، كذلك لا يضر مع الإيمان شيء"، إلى غير ذلك من الأحاديث التي يظهر عليها أثر الصنعة والاختلاق1، وكذلك كان للخلافات الفقهية أثر في إذكاء حركة الوضع، فوضعت أحاديث في فضائل بعض الأئمة، كما وضعت أحاديث أخرى في ذم بعضهم، وكذلك وضعت أحاديث في الاستشهاد لبعض الفروع الفقهية ليس عيها شيء من نور النبوة، وإنما أقرب إلى قواعد الأصوليين والفقهاء، وكتب التخاريج لبعض كتب الفقه فيها من ذلك شيء غير قليل.
وكذلك وجد القصاص وأمثالهم من جهلة المتصوفة الذين استجازوا وضع الأحاديث حسبة لله تعالى، "وسنرد عليهم فيما يأتي إن شاء الله تعالى"، وقد كان القصاص في كل عصر سبب شر كثير.
وكذلك جدت أحداث استغلت للوضع كفتنة خلق القرآن وكحركة الشعوبية2،