وكذلك أكثَرَ السيوطي في تفسيره: "الدر المنثور" عند تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} 1، من النقل عن الأزرقي، وأمثاله من المؤرخين والمفسرين الذين هم كحاطبي ليل، ولا يميزون بين الغث والسمين، والمقبول، والمردود، في بناء البيت، ومن بناه قبل إبراهيم: أهم الملائكة أم آدم؟ والحجر الأسود ومن أين جاء؟ وما ورد في فضلهما، وقد استغرق في هذا النقل الذي معظمه من الإسرائيليات التي أخذت عن أهل الكتاب بضع عشرة صحيفة2، لا يزيد ما صح منها أو ثبت عن عُشْرِ هذا المقدار.
ولو أنه اقتصر على الرواية الصحيحة التي رواها البخاري في صحيحه3، ورواها غيره من العلماء الأثبات، لأراحنا، وأراح نفسه، ولما أفسد العقول، وسمم النفوس بكل هذه الإسرائيليات، التي نحن في غنية عنها بما تواتر من القرآن، وثبت من السنة الصحيحة؛ وفي الحق: أن ابن جرير كان مقتصدا في الإكثار من ذكر الإسرائيليات في هذا الموضع، وإن كان لم يسلم منها، وذكر بعضها، وذلك مثل ما رواه بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: لما أهبط الله آدم من الجنة قال: إني مهبط معك بيتا يطاف حوله كما يطاف حول عرشي، ويصلى عنده، كما يصلى عند عرشي، فلما كان زمن الطوفان، رفع، فكانت الأنبياء يحجونه، ولا يعلمون مكانه4، حتى بوأه الله إبراهيم