ومؤلفه هو الإمام، النظار، المتكلم فخر الدين: محمد ابن العلامة ضياء الدين عمر الرازي1، المشتهر بخطيب الري، وهو عربي، قرشي من سلالة سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكان مولده سنة 543هـ ثلاث وأربعين وخمسمائة في مدينة الري، وكانت حينئذ العاصمة الكبرى لبلاد العراق العجمي، وقد بادت الآن، وتوجد خرائبها، وآثارها على مقربة من مدينة: "طهران" عاصمة المملكة الإيرانية.
وقد تنقل الإمام فخر الدين في البلاد الأعجمية، من الري إلى خراسان، وبخارى إلى العراق، والشام، وكان أكثر استقراره وتدريسه "بخوارزم"2، ثم استوطن مدينة: "هراة" من البلاد الأفغانية، وكانت وفاته بها سنة 606هـ ست وستمائة3.
وقد كان الإمام من كبار أهل العلم بالأصلين: أصول الدين، وأصول الفقه، وكبار علماء الكلام على مذهب أهل السنة، فمن ثم ناقش -وأكثر- أهل الاعتزال وغيرهم، وكذلك كان عالما بالفلسفة، ومذاهب الفلاسفة، فمن ثم: سلك مسلك الحكماء الإلهيين، فصاغ أدلته في مباحث الإلهيات، على نمط استدلالاتهم العقلية، ولكن مع تهذيبها بما يوافق أصول أهل السنة، وتعرض لآراء الفلاسفة، في قدم العالم وغيره وشبههم، وتفنيدها، ونقضها في مواضع من كتابه.
وكذلك: سلك مسلك الحكماء الطبيعين في الكونيات، فتكلم في خلق السماوات، والأرض، وما فيها من إنسان، وحيوان، ونبات، مبينا حكمة الله في مخلوقاته، مستدلا