القسم الثاني: ما علمنا كذبه مما عندنا مما يخالفه، وذلك مثل: ما ذكروه في قصص الأنبياء، من أخبار تطعن في عصمة الأنبياء عليه الصلاة والسلام، كقصة يوسف، وداود، وسليمان ومثل: ما ذكروه في توراتهم: من أن الذبيح إسحاق، لا إسماعيل، فهذا لا تجوز روايته وذكره إلا مقترنا ببيان كذبه، وأنه مما حرفوه، وبدلوه، قال تعالى: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِه} .

وفي هذا القسم: ورد النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة عن روايته، والزجر عن أخذه عنهم، وسؤالهم عنه، قال الإمام مالك رحمه الله في حديث: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج": المراد جواز التحدث عنهم بما كان من أمر حسن: أما ما عُلِم كذبه فلا1.

ولعل هذا هو المراد من قوله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر المسلمين: كيف تسألون أهل الكتاب، وكتابكم الذي أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم أحدث 2، تقرءونه لم يشب 3، وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله، وغيروه، وكتبوا بأيديهم الكتاب، وقالوا: هو من عند الله، ليشتروا به ثمنا قليلا، ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم، لا والله ما رأينا منهم رجلا يسألكم عن الذي أنزل عليكم" 4.

القسم الثالث: ما هو مسكوت عنه، لا من هذا، ولا من ذاك، فلا نؤمن به، ولا نكذبه، لاحتمال أن يكون حقا فنكذبه، أو باطلا فنصدقه، ويجوز حكايته لما تقدم من الإذن في الرواية عنهم. ولعل هذا القسم هو المراد بما رواه أبو هريرة، قال: "كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تصدقوا أهل الكتاب، ولا تكذبوهم، وقولوا آمنا بالله، وما أنزل إلينا، وما أنزل إليكم" 5 الآية، ومع هذا: فالأولى عدم ذكره، وأن لا نضيع الوقت في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015