فجمعت خزاعة مواشيها للصدقة؛ فاستنكر ذلك بنو تميم، وأبوْا، وابتدروا القسي، وشهروا السيوف، فقدم المصدق على النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فأخبره؛ فقال: "من لهؤلاء القوم؟ "، فانتدب لهم عيينة بن بدر الفزاري، فبعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - في خمسين فارساً من العرب ليس فيهم مهاجري ولا أنصاري، فأغار عليهم منهم؛ فأخذ أحد عشر رجلًا، وإحدى عشرة امرأة، وثلاثين صبياً، فجلبهم إلى المدينة، فقدم فيهم عدة من رؤساء بني تميم: عطارد بن حاجب، والزبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم، وقيس بن الحارث، ونعيم بن سعد، والأقرع بن حابس، ورياح بن الحارث، وعمرو بن الأهتم.

ويقال: كانوا تسعين أو ثمانين رجلًا، فدخلوا المسجد وقد أذّن بلال بالظهر، والناس ينتظرون خروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعجلوا واستبطؤوه فنادوه: يا محمد! اخرج إلينا، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقام بلال، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر ثم أتوه، فقال الأقرع: يا محمد! ائذن لي؛ فوالله إن مدحي لزين وإن ذمي لشين، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كذبت؛ ذلك الله -تبارك وتعالى-"، ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجلس، وخطب خطيبهم وهو عطارد بن حاجب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لثابت بن قيس بن شماس: "أجبه"؛ فأجابه، ثم قالوا: يا محمد! ائذن لشاعرنا، فأذن له، فقام الزبرقان بن بدر فأنشد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحسان بن ثابت: "أجبه"؛ فأجابه بمثل شعره، فقالوا: والله؛ لخطيبه أبلغ من خطيبنا, ولشاعره أشعر من شاعرنا, ولهم أحلم منا، ونزل فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)}، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قيس بن عاصم: "هذا سيد أهل الوبر"، وردّ عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأسرى والسبي، وأمر لهم بالجوائز كما كان يجيز الوفد (?). [موضوع]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015