يجيبوا بمقتضاها رَأَوْا مَا فِي ذَلِك من الْفساد وإنكار قُلُوب الْمُؤمنِينَ علهيم فأمسكوا
لَكِن أعظم المهم فِي هَذَا الْبَاب وَغَيره تَمْيِيز السّنة من الْبِدْعَة إِذْ السّنة مَا أَمر بِهِ الشَّارِع والبدعة مَا لم يشرعه من الدّين فَإِن هَذَا الْبَاب كثر فِيهِ اضْطِرَاب النَّاس فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع حَيْثُ يزْعم كل فريق أَن طَرِيقه هُوَ السّنة وَطَرِيق مخالفه هُوَ الْبِدْعَة ثمَّ إِنَّه يحكم على مخالفه بِحكم المبتدع فَيقوم من ذَلِك من الشَّرّ مَا لَا يُحْصِيه إِلَّا الله
وَأول من ضل فِي ذَلِك هم الْخَوَارِج المارقون حَيْثُ حكمُوا لنفوسهم بِأَنَّهُم المتمسكون بِكِتَاب الله وسنته وَأَن عليا وَمُعَاوِيَة والعسكرين هم أهل الْمعْصِيَة والبدعة فاستحلوا مَا اسْتَحَلُّوهُ من الْمُسلمين
وَلَيْسَ الْمَقْصُود هُنَا ذكر الْبدع الظَّاهِرَة الَّتِي تظهر للعامة أَنَّهَا بِدعَة كبدعة الْخَوَارِج وَالرَّوَافِض وَنَحْو ذَلِك لَكِن الْمَقْصُود التَّنْبِيه على مَا وَقع من ذَلِك فِي أخص الطوائف بِالسنةِ وأعظمهم انتحالا لَهَا كالمنتسبين إِلَى الحَدِيث مثل مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فَإِنَّهُ لَا ريب أَن هَؤُلَاءِ أعظم اتبَاعا للسّنة وذما للبدعة من غَيرهم وَالْأَئِمَّة كمالك وَأحمد وَابْن الْمُبَارك وَحَمَّاد بن زيد وَالْأَوْزَاعِيّ وَغَيرهم يذكرُونَ من ذمّ المبتدعة وهجرانهم وعقوبتهم مَا شَاءَ الله تَعَالَى
وَهَذِه الْأَقْوَال سَمعهَا طوائف مِمَّن اتبعهم وقلدهم ثمَّ إِنَّهُم