ومحبته ورضاه؛ بل يرى أن جميع الحوادث خيرها وشرها بالنسبة إليه سواء صادرة عن تلك الإرادة (?)، وأنه لا يحب الحسنات ولا يرضاها إلا بمعنى ينعم أهلها؛ ولا يبغض السيئات ويسخطها إلا بمعنى تعذيب أهلها، ورأى أن هذا فرق يعود إلى المخلوق لا إلى الخالق، فهذا رأى أن في كمال العبودية فناء عن إرادته؛ وأنه لا يريد إلا ما يريده الحق؛ وعنده ليس له إرادة إلا هذه، لزم من هذا أنه لا يستحسن حسنة ولا يستقبح سيئة ما دام هذا الفناء، لكن دوامه فيه ممتنع لأن العبد مجبول على حب ما يلائمه وبغض ما ينافيه، فإن لم يشهد ما [يتصف] (?) به الرب من الحب والبغض والرضى والسخط، فيحب (?) ما يحبه الله، ويبغض ما يبغضه (?)، ويرضى ما يرضاه، ويسخط ما يسخطه الله، وإلا فرق باعتبار نفسه، فيحب ويبغض لمجرد ذوقه ووجده وحبه وبغضه؛ لا بحب الله وبغضه وأمره ونهيه، فإن هذه الحقيقة تخالف (?) الشريعة، ويجعلون القيام بها لأجل [الظاهرة] (?) والعامة، لا من حقيقة شهودها الخاصة ويسمون هذا تلبيساً؛ وهو مقام الأنبياء، وهذا من أغاليط كثير من الشيوخ، وهو في الحقيقة خروج عن ملة إبراهيم وغيره من الرسل، وبالله التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل (?).