وقد كانوا عند غيره (?) ممن لا أُسميه كذلك.
قال أبو سعيد: فإذا كان أولئك كذلك، فكيف بمن حدث بعدهم ممن أخذ عنهم؟ قال: ومنعني من الطبقة التي كانت بعد هؤلاء أشياء كثيرة، إلا [أن] (?) جملة ذلك وإن كانوا قوماً صالحين فاضلين فما يدرون ما كان يقول أولئك في هذه المعاني التي أشرنا إليها، ولا ما كانوا يشيرون إليه إلا بالتوهم والبلاغات وذكر كلامًا طويل (?).
قلت: الصوفية بعد هؤلاء هم على هذا الاضطراب، منهم من قال بالفرق الثاني كالجنيد وأصحابه، وهؤلاء هم المصيبون المسددون، ومنهم من نفاه، ومنهم من تردد فيه، ومنهها من قال: إنه أكبر من [المتكلم] (?) فيه، وسبب ذلك أن الإنسان يشهد أولاً الفرق حسه وعقله وهواه؛ من غير نظر إلى أن الله خالق كل شيء وهذا هو الفرق الأول، فإذا توجه إلى الله رأى أن الله خالق كل شيء، وربه ومليكه، كل ما في الوجود بمشيئته وقدرته، وهذا شهود صحيح، بحيث يغيب عن نفسه وعن غيره، ويفنى بمشهوده عن شهوده، وبمذكوره عن ذكره، وبمعروفه عن معرفته، فلا يبقى ناظراً إلا إلى توحيد الربوبية وهو أن الله خالق كل شيء.
وهذا المشهد ليس فيه تفريق بين المأمور والمحظور، ولا بين المعروف والمنكر، ولا بين أوليائه وأعدائه، ولا بين المؤمنين والكفار، ولا بين ما يلائم الإنسان وما يخالفه، وهذا لا يتصور أن يدوم بقاء العبد فيه، فإن نفسه لا بد أن تفرق بين ما يلائمها وبين ما يضرها، كما تفرق بين [الخبز