الإيهام كان هذا سائغاً باتفاق أهل الإسلام، وأيضاً فالوهم إذا كان لسوء فهم المستمع لا لتفريط المتكلم لم يكن على المتكلم بذلك بأس.
ولا يشترط في العلماء إذا تكلموا في العلم أن لا يتوهم من ألفاظهم خلاف مرادهم، (بل ما زال الناس [يتوهمون] (?) من أقوال الناس خلاف مرادهم) (?)؛ ولا يقدح ذلك في المتكلمين بالحق، ثم غاية هذا أن يكون بحثاً لفظياً، والبحوث اللفظية لا توجب خلافاً معنوياً فضلاً عن التكفير، اللهم إلا على قول هذا الجاهل: إن المتكلم إذا عنى معنًى صحيحاً بعبارة وتوهم منها بعض الناس نقصاً كان ذلك كفراً، وهذا لا يقوله إلا من انسلخ من العقل والدين، لا سيما إذا كان التقصير إنما هو من المستمع؛ لا تقصير من (?) عبارة المتكلم.
ثم يقال: هذا كله ليس مما نحن فيه، فإن ما ذكره المجيب لا يحتاج لهذا، ولا يتوقف على نقل عبارته بعينها؛ بل تلك المعاني بائنة بالكتاب والسنة واجماع الأمة؛ سواء كان اللفظ بعينه منقولاً أو لم يكن؛ والتعبير عن تلك المعاني شائع بما يدل عليها دلالة بيّنة كالدلالة على سائر المعاني، ومما يجب معرفته أن الأسماء والألفاظ التي تُعلق بها الأحكام الشرعية من الأمر والنهي والتحليل والتحريم والاستحباب والكراهية والمدح والذم والثواب والعقاب والموالاة والمعاداة [هي] (?) الألفاظ الموجودة في كتاب الله وسنة رسوله ومعاني تلك الألفاظ، وذلك مثل لفظ الإيمان والإخلاص والعبادة (?) والكفر والشرك والهدى والضلال والرشاد والغي (?) والتوكل والشكر والصبر والنبوة والرسالة والتوكيل ونحو ذلك، فأما الألفاظ التي لم توجد في كتاب الله وسنة رسوله ولا تعلق بها بشيء من ذلك إلا إذا [تبيّن] (?) أن معانيها موافقة لمعاني ألفاظ الكتاب والسنة.