منكم الجنة بعمله"، قيل: ولا أنت يا رسول الله، قال: "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل"، قلنا: لن يدخل الجنة أحد بعمله، فإذا قيل لنا: ولا رسول الله؟ قلنا: ولا رسول الله إلا أن يتغمده الله برحمة منه وفضل، فنخبر بمثل ما أخبر به تصديقاً له؛ فإنه الصادق المصدوق، ومثل هذا كثير.
وقول هذا الجاهل [شبيه ومثيل] (?) [دين النصارى] (?) فإن المسيح -عليه السلام- لما أخبر [عن] (?) نفسه أنه عبد الله؛ تقول النصارى: ليس لنا أن نقول في الأنبياء ما يقولونه في أنفسهم، وقد قال الله -تعالى-: {يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} إلى قوله {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} [المائدة: 116 - 117]، وقال المسيح: {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} [مريم: 30]، فيقول النصراني من جنس قول شبيهه (?): هو يقول: ربي الله، وهم يقولون: هو الرب ليس له رب، ويقولون: وليس لنا أن نقول فيه ما يقول في نفسه.
وهكذا الرافضي إذا احتججنا عليه بقول علي -رضي الله عنه- عن نفسه: يقول ليس لنا أن نقول فيه قوله في نفسه، وفي الجملة فبعض الناس قد [يقول] (?) على سبيل التواضع كلاماً فيه مبالغة، فيقال: ليس لغيره أن يقول فيه هذا.
وأما الرسول - صلى الله عليه وسلم - فلا ينطق إلا بحق، وكلامه معه إذا كان تواضعاً لله فهو أحق الخلق بالتواضع لربه -عز وجل-، وليس هذا كتواضع الرجل للرجل، ثم ما ذكره في عفوه عن الساب (?) لا يقتضي العلم بهذا؛ ولا هو دليل عليه.