رقيته: "أذهب البأس رب الناس، واشف أنت الشافى، لا شفاء إلا شفاك"، وفي رواية: "لا شافي إلا أنت، شفاء لا يغادر سقماً" (?).
وتارة يريد به أن الضر والنفع المعتاد مثل الصحة والمرض والغنى والفقر والأمن والخوف واليسر والعسر؛ لا يفعله رسول ولا غيره؛ لا في حياته ولا بعد موته، فهذا صحيح، بخلاف ما يظنه المشركون الغلاة من [النصارى] (?) وأشباههم، الذين يظنون أن الأنبياء والصالحين بعد موتهم أو في حياتهم ينزلون المطر ويدفعون العدو وينبتون النبات ويشفون المرضى ونحو ذلك من الحوادث.
وتارة يرى أنه ليس له دعاء مستجاب ولا شفاعة مقبولة وأن طاعته لا تنفع ومعصيته لا تضر ونحو ذلك، فهذا كفر صريح من أراده حُكم بردته وكفره؛ لكن اللفظ المجمل إذا صدر ممن علم إيمانه لم يحمل على الكفر بلا قرينة ولا دلالة، فكيف إذا كانت القرينة تصرفه إلى المعنى الصحيح.
وأما المثل الثاني فلا يشبه ما نحن فيه، فإن قوله تعالى: {هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 137] إثبات لهذه (?) الصفة، ومن الناس من يقول: ليس في الآية حصر، (ومن قال: فيها حصر) (?)، قال: المحصور كمال الصفة وليس ذلك إلا لله، فإذا قال: إن الرسول لا يسمع ولا يعلم لم يفهم من هذا اللفظ نفي ما يختص به الرب؛ ولا عموم النفي عن الرسول وغيره، ومعلوم أن الملائكة والإنس والجن والبهائم تسمع وتعلم، فإن الله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} (?) [المائدة: 4]، وذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - الكلب المعلم (?)، ومن أطلق