فالله -تعالى- قد جعل الرسول مبلِّغاً لكلامه؛ الذي هو أمره ونهيه ووعده ووعيده.
وهؤلاء يجعلون الرسل والمشايخ يدبرون العالم بالخلق والرزق وقضاء الحاجات وكشف الكربات (?)، وهذا ليس من دين المسلمين، بل النصارى تقول هذا في المسيح وحده بشبهة الاتحاد والحلول، ولهذا لم يقولوا ذلك في إبراهيم وموسى وغيرهما من الرسل، مع أنهم في غاية الجهل في ذلك، فإن الآيات التي بعث بها موسى أعظم، ولو كان الحلول ممكناً لم يكن للمسيح خاصية توجب اختصاصه بذلك؛ بل موسى أحق بذلك، ولهذا خاطبت من خاطبته من علماء النصارى وكنت أتنزل معهم إلى أن أطالبهم بالفرق بين المسيح وغيره من جهة الإلهية، فلم [يجدوا] (?) فرقاً، بل أُبيّن لهم أن ما جاء به موسى من الآيات أعظم؛ فإن كان هذا حجة في دعوى الإلهية فهو أحق، وأما ولادته من غير أب فهو يدل على قدرة الخالق لا على (?) أن المخلوق أفضل من غيره (?).
وإن إراد بقوله: (يقتضي سلب صلاحية الرسول لأن يكون وسيلة إلى الله في طلب الإغاثة) أنه لا يتوسل بذاته فلا يقسم به على الله، ولا يقال أسألك برسولك أو أسألك بجاه رسولك.
فيقال: أولاً: نفي الاستغاثة بهم لا يفهم أحد منها نفي السؤال به.
ويقال: ثانياً: وهب (?) أنه أراد هذا؛ فما الدليل على جواز السؤال لله بذوات (?) المخلوقين أو مطلقاً وبعد موتهم؟! ولمن قال هذا من الصحابة والتابعين لهم بإحسان؟ والصحابة إنما كانوا يتوسلون بدعائه وشفاعته، ولهذا