الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} [النساء: 153]، فَنَهى الأمم أن تسأل الأنبياء هذه المسائل، (لا يقال إنه نفي لصلاحية الرسل أن يكونوا وسيلة في حصول المسؤول) (?)، [وذلك] (?) نفي لصفة الكمال؛ إذ ليس فيه إلا النهي عن السؤال، ليس فيه نفي لصلاحية (?) المسؤول أن يسأل؛ ولا نفي قدرته على حصول المسؤول، ولا شيء من هذا، بل قد يكون النهي عن السؤال لصلحة المنهي (?)، ولما في سؤاله من المفسدة.
وقوله: لا يستغاث به هو مثل قوله: لا يسأل، هو نهي عن سؤاله وعن الاستغاثة [به] (?)، لما في ذلك من مصلحة المنهي ومن مصلحة الرسول ومن توحيد الرب، وأيضاً فقول القائل: لا يصلح أن يستغاث به، أو لا يصلح أن يكون وسيلة إلى الله في حصول الإغاثة، قد يريد: لا يصلح شرعاً بمعنى أن هذا لم يشرع، وقد يريد لا يصلح أي أن هذا غير ممكن في حقه، فلو قدر أن نفي الاستغاثة نفي للصلاحية (?) فالصلاحية لفظ مجمل.
وبالجملة فكلام هذا الرجل كثير منه نزاع لفظي، مع كونه لفظياً فهو يعبر عن المعنى بلفظ لم يعبر به غيره، وينكر على غيره أن يعبر عن المعنى بالعبارة المستعملة فيه، ففيه جهل وظلم، جهل، بدلالة اللفظ في استعماله، واستعمال اللفظ فيما لم يستعمل فيه قط، وينكر على من يستعمله في معناه، ويريد أن يلزمهم بالقبيح الذي [ارتكبه] (?)، ويحمل كلامهم على المعنى الباطل؛ لظنه أن اللفظ يحتمله مع أنهم [قد] (?) صرحوا بنقيض ذلك المعنى بعبارة صريحة، فيدع (?) محكم (?) كلامهم وتمسك بمتشابهه الذي هو متشابه في ظنه؛ مبتغياً للفتنة بذلك، وليس مقصوده معرفة مراد المتكلم وتأويله، بل