يكون إلا إذا علم مقدار فهم كل من يسمع كلامه ويقرأ كتابه، وهذا ليس في طاقة بشر، والله -تعالى- ما أرسل رسولاً إلا بلسان قومه ليبيّن لهم، فما (?) يمكن بيان الرسول إلا على طريقة اللغة المعروفة، وإن وقع خطأ في فهم بعض الناس، والله -تعالى- أنزل كتابه بلسان الرب، وهو لا بد أن ينزله بلسان من الألسنة، وأكمل الألسنة لسان العرب، وأكمل البلاغة بلاغة القرآن باتفاق أهل العلم بذلك.
وقد غلط في كثير من فهم القرآن، من لا يحصيه إلا الله، حتى في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهم طائفة من قوله: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187] أن المراد به الخيوط التي هي من جنس الحبال (?)، وفهم بعضهم من قوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] أن المراد دخولها والتعذيب فيها (?)، وفهم بعضهم من قوله: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} [الانشقاق: 8] أنه قد يناقش العبد الحساب وينجو (?)، ومثل هذا كثير.