من البدع الشركية أفضى الأمر بأقوام إلى أن خرجوا إلى دين المشركين؛ بل المشركين المعطلين، وكثير من الناس لا يعرف هذا؛ يحسب أن هذا هو دين الله لأجل لبس الحق بالباطل، وهذا مما نهى الله عنه وذم به أهل الكتاب؛ حيث قال: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42)} [البقرة: 42].
الوجه الرابع: أن يقال: الغلاة المشركون هم في الحقيقة بخسوا الرسل ما يستحقونه من التعظيم؛ دون الأمة الوسط أهل التوحيد المتبعين لشريعة الرسل (?)، وبيان (?) ذلك بأمور: منها أن النصارى يقولون: إنهم يعظمون المسيح، وكذلك الغالية في علي والأئمة أو الشيوخ أو غيرهم، وهم في الحقيقة متنقصون (?) [لهم] (?)، فإن المسيح -عليه السلام- أمرهم بعبادة الله وحده لا شريك له؛ وأخبرهم أنه عبد الله، فهم إذا اتبعوه كان له من الأجر مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء (?)، (كما ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من دعى إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، من غير أن ينقص [من أجورهم] (?) شيئاً") (?)، [ويكونون] (?) سعداء أولياء لله من أهل الجنة (?)، وإذا غلوا فيه واتخذوه ربا انقطع العمل الصالح الذي كان يحصل بتوحيدهم وطاعتهم، وحصل لهم مع ذلك عذاب أليم، وإن كان هو سليماً من العذاب؛ لكن فَوَّتوه الأجر الذي كان يحصل له بتوحيدهم وطاعتهم.
وأما أهل الاستقامة فهم إذا وحَّدوا الله وعبدوه كما شرعته لهم الرسل