والصواب التفريق بين القدرة المصححة (?) التي يشترط في الفعل معها وجود الإرادة؛ وبين القدرة الموجبة (?) وهي مجموع ما يستلزم المقدور.

وأما القدرية فقالوا: إن القدرة لا تكون إلا قبل الفعل، وإذا كانت الحوادث يحدثها شيئاً بعد شيء بحسب حدوثها لزم أن تقوم به الأفعال الاختيارية، وإذا كانت كذلك بطل أصل قولهم الذي بنوا عليه قدم العالم، حيث قالوا هو موجب بالذات لا فاعل بالاختيار، وإذا كان كذلك قارنت موجبه، فإذا كان نفس الحوادث يستلزم أن يكون فاعلاً أفعالاً متعاقبة بطل كونه موجباً بذاته بمقارنة موجبه، فبطل التلازم الذي ذكروه وجاز أن يكون محدثاً للأفلاك.

وإن كان قد أحدث قبلها شيئاً آخر كما أخبر الله -تعالى- أنه خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء، كذلك في التوراة أنه خلق السموات والأرض وكان الماء مستبحراً (?) غامراً الأرض والرياح تهب فوقه (?).

وملخص ذلك أنه لو كان شيء من العالم قديماً لكان موجباً بذاته بمقارنة (?) موجبه لا يتأخر عنه، والثاني باطل لأنه لو كان كذلك لم يحدث في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015