فإن كان النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - على زعم هذا قد جعل من استغاث به فإنّما استغاث بالله، وقد حضه على ذلك، (فمن سأله فإنّما) (?) سأل الله، فليلزم أن يحض النَّاس على سؤاله، والأمر بالعكس، بل مدح من لم يسأله وذم كثيرًا ممّن سأله.
وأمّا الوجه الثّالث: قوله: (إنّه يصح أن يراد أنّه لا يستغاث بي على وجه التأثير والاقتدار، وإنّما ذلك لله، وفائدة التنبيه على ذلك أن لا يتعلّق به [أحد] (?) في الانتصار به من جهة السببية الظاهرة، كما يتعلّق النَّاس بالأسباب على الغفلة، بل يكون تعلّقهم للنظر إلى جانب الربوبية فيه، ومكانته عند ربه، فيكون ذلك كما قال: "من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس ... الخبر (?) ".
فالجواب عنه من وجوه: أحدها: أن هذا الّذي ذكره موافق (?) في المعنى لما ذكره المجيب، فإنّه لا ريب أنّه يجوز أن يُسأل النّبيّ أمورًا؛ ويستغات به في أشياء، بل يجوز هذا في غير حق النبي، وقد قال في أول الجواب: أجمع المسلمون على أن النبيَّ يشفع للخلق يوم القيامة بعد أن يسأله النَّاس ذلك وبعد أن يأذن الله له في الشفاعة (?).