، وَلَيْسَ فِي صَيْرُورَتِكُمْ تُرَاباً مَا يُعْجِزُ اللهُ عَنْ إِعَادَتِكُمْ كَمَا بَدَأَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ مِنَ العَدَمِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ البَعْثِ مَا يُعْجِزُ اللهَ. (?)
"إن أمر هذا اليوم لا يعلمه إلا اللّه .. وهو سبحانه وحده الذي يملك الكشف عنه، وليس للنبىّ ولا لغيره سلطان إلى جانب سلطان اللّه، ولا تقدير مع تقديره ..
فالنبىّ، لا يملك لخاصّة نفسه شيئا .. إنه لا يستطيع أن يدفع عن نفسه ضرّا، أو يجلب لها خيرا إلا ما شاء اللّه وأراد له، من دفع الضرّ عنه، وجلب الخير له .. فكيف يكون له سلطان فى مصائر النّاس، ومقادير العباد؟ «لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ» عند اللّه «إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ» التقوا بهذا اليوم الموعود الذي يسألون عنه الآن سؤال المنكر: «متى هو؟». . «فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ» بل يمضى فيهم قدر اللّه، وتنفذ فيهم مشيئته فى الوقت المقدور، إذ لا مبدّل لكلماته، ولا معوّق ولا معطل لمشيئته .. تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا.
وفى قوله تعالى: «قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً» ـ فى هذا ما يسأل عنه، وهو: إذا كان الإنسان يملك النفع لنفسه، بما يعمل فى سبيل ما يعود بالنفع عليه والخير له .. فكيف يملك الضرّ لنفسه، ويسوقه إليها؟
وهل هذا مما يكون من إنسان، فضلا عن النبي الكريم؟
والجواب ـ واللّه أعلم ـ أن ذلك للدلالة على سلطان اللّه سبحانه وتعالى فى عباده، وأنه ليس لأحد منهم شىء مع سلطان اللّه القائم عليه، فى ذات نفسه، حتى لو أراد ـ متعمدا ـ أن يسوق إلى نفسه شرا، أو يوردها مورد الهلاك، فإن ذلك ليس إلى يده، وإنّما هو للّه سبحانه وتعالى ..
والضرّ لا يتكلّف له الإنسان جهدا، ولا يبذل له مالا، وحسبه أن يقف موقفا سلبيّا من الحياة، وعند ذلك يجد الضّرّ يزحف عليه من كل جهة .. على خلاف النفع، فإنه لا يحصّل إلا بجهد، ولا ينال إلا ببذل وعمل .. ومن هنا كان عجز الإنسان عن أن يملك لنفسه ضرّا ـ أبلغ وأظهر فى الدلالة على ضعف الإنسان وعجزه، وأنه إذا عجز عن أن