كَسْبه، وَكَذَلِكَ الْعِلْم الَّذِي خَلَّفَهُ مِنْ تَعْلِيم أَوْ تَصْنِيف، وَكَذَلِكَ الصَّدَقَة الْجَارِيَة، وَهِيَ الْوَقْف.

وَفِيهِ فَضِيلَة الزَّوَاج لِرَجَاءِ وَلَد صَالِح، وَقَدْ سَبَقَ بَيَان اِخْتِلَاف أَحْوَال النَّاس فِيهِ، وَأَوْضَحْنَا ذَلِكَ فِي كِتَاب النِّكَاح. وَفِيهِ دَلِيل لِصِحَّةِ أَصْل الْوَقْف، وَعَظِيم ثَوَابه، وَبَيَان فَضِيلَة الْعِلْم، وَالْحَثّ عَلَى الِاسْتِكْثَار مِنْهُ. وَالتَّرْغِيب فِي تَوْرِيثه بِالتَّعْلِيمِ وَالتَّصْنِيف وَالْإِيضَاح، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَار مِنْ الْعُلُوم الْأَنْفَع فَالْأَنْفَع. وَفِيهِ أَنَّ الدُّعَاء يَصِل ثَوَابه إِلَى الْمَيِّت، وَكَذَلِكَ الصَّدَقَة، وَهُمَا مُجْمَع عَلَيْهِمَا، وَكَذَلِكَ قَضَاء الدَّيْن كَمَا سَبَقَ.

وَأَمَّا الْحَجّ فَيَجْزِي عَنْ الْمَيِّت عِنْد الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقِيهِ، وَهَذَا دَاخِل فِي قَضَاء الدَّيْن إِنْ كَانَ حَجًّا وَاجِبًا، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا وَصَّى بِهِ وَهُوَ مِنْ بَاب الْوَصَايَا، وَأَمَّا إِذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَام فَالصَّحِيح أَنَّ الْوَلِيّ يَصُوم عَنْهُ، وَسَبَقَتْ الْمَسْأَلَة فِي كِتَاب الصِّيَام.

وَأَمَّا قِرَاءَة الْقُرْآن فَالْمَشْهُور مِنْ مَذْهَب الشَّافِعِيّ أَنَّهُ لَا يَصِلُ ثَوَابُهَا إِلَى الْمَيِّت وَقَالَ بَعْض أَصْحَابه: يَصِل ثَوَابهَا إِلَى الْمَيِّت.

وَذَهَبَ جَمَاعَات مِنْ الْعُلَمَاء إِلَى أَنَّهُ يَصِل إِلَى الْمَيِّت ثَوَاب جَمِيع الْعِبَادَات مِنْ الصَّلَاة وَالصَّوْم الْقِرَاءَة وَغَيْر ذَلِكَ، وَفِي صَحِيح الْبُخَارِيّ فِي بَاب مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ نَذْرٌ أَنَّ اِبْن عُمَرَ أَمَرَ مَنْ مَاتَتْ أُمُّهَا وَعَلَيْهَا صَلَاةٌ أَنْ تُصَلِّيَ عَنْهَا. وَحَكَى صَاحِب الْحَاوِي عَنْ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ أَنَّهُمَا قَالَا بِجَوَازِ الصَّلَاة عَنْ الْمَيِّت. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو سَعْد عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن هِبَة اللَّه بْن أَبِي عَصْرُون مِنْ أَصْحَابنَا الْمُتَأَخِّرِينَ فِي كِتَابه الِانْتِصَار إِلَى اِخْتِيَار هَذَا، وَقَالَ الْإِمَام أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ مِنْ أَصْحَابنَا فِي كِتَابه التَّهْذِيب: لَا يَبْعُد أَنْ يُطْعَمَ عَنْ كُلّ صَلَاة مُدٌّ مِنْ طَعَام وَكُلُّ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ ضَعِيفَةٌ. وَدَلِيلهمْ الْقِيَاس عَلَى الدُّعَاء وَالصَّدَقَة وَالْحَجّ فَإِنَّهَا تَصِلُ بِالْإِجْمَاعِ وَدَلِيلُ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ قَوْلُ اللَّهِ: تَعَالَى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: " إِذَا مَاتَ اِبْن آدَمَ اِنْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ أَوْ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ " وَاخْتَلَفَ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ فِي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فِي حَجّ الْأَجِير هَلْ تَقَعَانِ عَنْ الْأَجِير أَمْ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ؟ وَاَللَّه أَعْلَمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015