عن البدن، وتعذب متصلة بالبدن والبدن متصل بها، فيكون النعيم والعذاب عليهما في هذه الحال مجتمعتين كما يكون للروح منفردة عن البدن).

وسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابن تيمية (?): - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ وَهُوَ بِمِصْرِ - عَنْ " عَذَابِ الْقَبْرِ ". هَلْ هُوَ عَلَى النَّفْسِ وَالْبَدَنِ أَوْ عَلَى النَّفْسِ؛ دُونَ الْبَدَنِ؟ وَالْمَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ حَيًّا أَمْ مَيِّتًا؟ وَإِنْ عَادَتِ الرُّوحُ إلَى الْجَسَدِ أَمْ لَمْ تَعُدْ فَهَلْ يَتَشَارَكَانِ فِي الْعَذَابِ وَالنَّعِيمِ؟ أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ؟

فَأَجَابَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَجَعَلَ جَنَّةَ الْفِرْدَوْسِ مُنْقَلَبَهُ وَمَثْوَاهُ آمِينَ. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ: بَلْ الْعَذَابُ وَالنَّعِيمُ عَلَى النَّفْسِ وَالْبَدَنِ جَمِيعًا بِاتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ تَنْعَمُ النَّفْسُ وَتُعَذَّبُ مُنْفَرِدَةً عَنِ الْبَدَنِ وَتُعَذَّبُ مُتَّصِلَةً بِالْبَدَنِ وَالْبَدَنُ مُتَّصِلٌ بِهَا فَيَكُونُ النَّعِيمُ وَالْعَذَابُ عَلَيْهِمَا فِي هَذِهِ الْحَالِ مُجْتَمَعِينَ كَمَا يَكُونُ لِلرُّوحِ مُنْفَرِدَةً عَنْ الْبَدَنِ. وَهَلْ يَكُونُ الْعَذَابُ وَالنَّعِيمُ لِلْبَدَنِ بِدُونِ الرُّوحِ؟ هَذَا فِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ لِأَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ وَالْكَلَامِ،وَفِي الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ شَاذَّةٌ لَيْسَتْ مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ؛ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: إنَّ النَّعِيمَ وَالْعَذَابَ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى الرُّوحِ؛ وَأَنَّ الْبَدَنَ لَا يُنَعَّمُ وَلَا يُعَذَّبُ. وَهَذَا تَقُولُهُ " الْفَلَاسِفَةُ " الْمُنْكِرُونَ لِمَعَادِ الْأَبْدَانِ؛ وَهَؤُلَاءِ كُفَّارٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. وَيَقُولُهُ كَثِيرٌ مِنْ " أَهْلِ الْكَلَامِ " مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ: الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْبَرْزَخِ وَإِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ الْقُبُورِ. وَقَوْلُ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الرُّوحَ بِمُفْرَدِهَا لَا تُنَعَّمُ وَلَا تُعَذَّبُ وَإِنَّمَا الرُّوحُ هِيَ الْحَيَاةُ وَهَذَا يَقُولُهُ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَأَصْحَابِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِمْ؛ وَيُنْكِرُونَ أَنَّ الرُّوحَ تَبْقَى بَعْدَ فِرَاقِ الْبَدَنِ. وَهَذَا قَوْلٌ بَاطِلٌ؛ خَالَفَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْمَعَالِي الجويني وَغَيْرُهُ؛ بَلْ قَدْ ثَبَتَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَاتِّفَاقِ سَلَفِ الْأُمَّةِ أَنَّ الرُّوحَ تَبْقَى بَعْدَ فِرَاقِ الْبَدَنِ وَأَنَّهَا مُنَعَّمَةٌ أَوْ مُعَذَّبَةٌ. " وَالْفَلَاسِفَةُ " الإلهيون يَقُولُونَ بِهَذَا لَكِنْ يُنْكِرُونَ مَعَادَ الْأَبْدَانِ وَهَؤُلَاءِ يُقِرُّونَ بِمَعَادِ الْأَبْدَانِ؛ لَكِنْ يُنْكِرُونَ مَعَادَ الْأَرْوَاحِ وَنَعِيمَهَا وَعَذَابَهَا بِدُونِ الْأَبْدَانِ؛ وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ خَطَأٌ وَضَلَالٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015