أَوَّلُ مَنَازِلِ الآخِرَةِ فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ». قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلاَّ وَالْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ» رواه الترمذي (?)
وفي تحفة الأحوذي: (وَتَبْكِي مِنْ هَذَا) أَيْ مِنَ الْقَبْرِ يَعْنِي مِنْ أَجْلِ خَوْفِهِ؟ قِيلَ إِنَّمَا كَانَ يَبْكِي عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ، أَمَّا الِاحْتِمَالُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ التَّبْشِيرِ بِالْجَنَّةِ عَدَمُ عَذَابِ الْقَبْرِ، بَلْ وَلَا عَدَمُ عَذَابِ النَّارِ مُطْلَقًا مَعَ اِحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ التَّبْشِيرُ مُقَيَّدًا بِقَيْدٍ مَعْلُومٍ أَوْ مُبْهَمٍ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَنْسَى الْبِشَارَةَ حِينَئِذٍ لِشِدَّةِ الْفَظَاعَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ خَوْفًا مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ كَمَا يَدُلُّ حَدِيثُ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَخْلُصْ مِنْهُ كُلُّ سَعِيدٍ إِلَّا الْأَنْبِيَاءُ ذَكَرَهُ الْقَارِي
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِىِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيُقَالُ هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».أخرجه البخاري و المسلم (?)
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: يَجُوز أَنْ يَكُون هَذَا الْعَرْض عَلَى الرُّوح فَقَطْ، وَيَجُوز أَنْ يَكُون عَلَيْهِ مَعَ جُزْء مِنْ الْبَدَن. قَالَ: وَالْمُرَاد بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ وَقْتهمَا وَإِلَّا فَالْمَوْتَى لَا صَبَاح عِنْدهمْ وَلَا مَسَاء. قَالَ: وَهَذَا فِي حَقّ الْمُؤْمِن وَالْكَافِر وَاضِح، فَأَمَّا الْمُؤْمِن الْمُخَلَّط فَمُحْتَمِل فِي حَقّه أَيْضًا، لِأَنَّهُ يَدْخُل الْجَنَّة فِي الْجُمْلَة، ثُمَّ هُوَ مَخْصُوص بِغَيْرِ الشُّهَدَاء لِأَنَّهُمْ أَحْيَاء وَأَرْوَاحهمْ تَسْرَح فِي الْجَنَّة. وَيَحْتَمِل أَنْ يُقَال: إِنَّ فَائِدَة الْعَرْض فِي حَقّهمْ تَبْشِير أَرْوَاحهمْ بِاسْتِقْرَارِهَا فِي الْجَنَّة مُقْتَرِنَة بِأَجْسَادِهَا، فَإِنَّ فِيهِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى مَا هِيَ فِيهِ الْآن
هَل الْمَوْتُ لِلْبَدَنِ وَالرُّوحِ أَوْ لِلْبَدَنِ وَحْدَهُ؟
نَصَّ جُمْهُورُ عُلَمَاءِ أَهْل السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى أَنَّ الأَْرْوَاحَ بَعْدَ الْمَوْتِ بَاقِيَةٌ غَيْرُ فَانِيَةٍ إِمَّا فِي نَعِيمٍ مُقِيمٍ وَإِمَّا فِي عَذَابٍ أَلِيمٍ قَال فِي الإِْحْيَاءِ: الَّذِي تَشْهَدُ لَهُ طُرُقُ الاِعْتِبَارِ وَتَنْطِقُ