أخافُ أن أكونَ في أمِّ الكتاب شَقيًّا، ويَبكِي ويقول: أخافُ أن أُسلَبَ الإيمانَ عندَ المَوتِ" (?)
وقال بَعضُ السلَف: "ما أبكَى العُيونَ ما أبكاها الكِتابُ السّابِقُ"، وقد قيل: "إنَّ قُلوبَ الأبرارِ معلّقَةٌ بالخَواتِيم يقولون: بماذا يُختَم لنَا؟ وقلوب المقرَّبين معلّقةٌ بالسوابق يقولون: ماذا سبَق لنا؟ "، وكان مَالِك بنُ دينار رحمه الله يقوم طولَ ليلِه ويقول: "يا رَبِّ، قد عَلمتَ سَاكنَ الجنة والنار، ففي أيِّ منزلٍ مَالِكٌ؟ " (?).
أمَّا الخاتمة السيئة فهي أن تكون وفاة الإنسان وهو معرضٌ عن ربه جلَّ وعلا، مقيمٌ على ما يسخطه سبحانه، مضيعٌ لما أوجبه الله عليه، ولا ريبَ أن تلك نهاية بئيسة، طالما خافها المتقون، وتضرعوا إلى ربهم سبحانه أن يجنبهم إياها.
وأَسبابُ سوءِ الخاتمَة كثيرةٌ، مِنها تركُ الفرائضِ وارتِكاب المحرَّمات وتَركُ الجُمَع والجمَاعات، فإنَّ الذنوبَ ربما غلَبَت عَلَى الإنسانِ واستَولَت علَى قَلبِه بحبِّها، فَيَأتي المَوتُ وهو مُصِرٌّ على المعصيةِ، فيستَولي عليهِ الشيطانُ عند الموتِ وهو في حالةِ ضَعفٍ ودَهشَةٍ وحَيرة، فينطِق بما ألِفَه وغَلَب عَلَى حالِهِ، فيُختَم له بِسُوءِ خاتمةٍ والعياذُ بالله.
ومِن أسبابِ سوءِ الخاتمةِ البِدَعُ التي لم يَشرَعها الرَّسولُ - صلى الله عليه وسلم -، فالبِدعَة شُؤمٌ وشرٌّ عَلَى صَاحِبها، وهي أعظَمُ من الكَبائرِ، عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، مَنْ وَرَدَهُ شَرِبَ مِنْهُ، وَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهُ أَبَدًا، لَيَرِدُ عَلَىَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِى، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ».قَالَ أَبُو حَازِمٍ فَسَمِعَنِى النُّعْمَانُ بْنُ أَبِى عَيَّاشٍ وَأَنَا أُحَدِّثُهُمْ هَذَا فَقَالَ هَكَذَا سَمِعْتَ سَهْلاً فَقُلْتُ نَعَمْ. قَالَ وَأَنَا أَشْهَدُ عَلَى أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ لَسَمِعْتُهُ يَزِيدُ فِيهِ قَالَ «إِنَّهُمْ مِنِّى. فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا بَدَّلُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِى» (?).