وعن أبي هريرة رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ وَلاَ يَدْعُو بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ وَثِقَ بِعَمَلِهِ، فَإِنَّهُ إِنْ مَاتَ أَحَدُكُمْ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ، وَإِنَّهُ لاَ يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمُرُهُ إِلاَّ خَيْراً» أخرجه أحمد في مسنده (?)
وعَنْ عَبِيْدَةَ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: مَا يُحْبَسُ أَشْقَاهَا أَنْ يَجِيءَ فَيَقْتُلُنِي، اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ سَئِمْتُهُمْ وَسَئِمُونِي، فَأَرِحْنِي مِنْهُمْ وَأَرِحْهُمْ مِنِّي. أخرجه عبد الرزاق (?)
وعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ لَمَّا صَدَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ مِنًى أَنَاخَ بِالأَبْطَحِ ثُمَّ كَوَّمَ كَوْمَةً بَطْحَاءَ ثُمَّ طَرَحَ عَلَيْهَا رِدَاءَهُ وَاسْتَلْقَى ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ اللَّهُمَّ كَبِرَتْ سِنِّى وَضَعُفَتْ قُوَّتِى وَانْتَشَرَتْ رَعِيَّتِى. فَاقْبِضْنِى إِلَيْكَ غَيْرَ مُضَيِّعٍ وَلاَ مُفَرِّطٍ» أخرجه مالك في الموطأ (?)
أفادت هذه الأحاديث النهي عن تمني الموت، وحمله قوم على الضرِّ الدنيوي، فإن وجد الضر الأخروي بأن خشي الفتنةَ في دينه لم يدخل في النهي لحديث: ((لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِى مَكَانَهُ)) (?). ولحديث «وَإِذَا أَرَدْتَ بِعِبَادِكَ فِتْنَةً فَاقْبِضْنِى إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ» رواه الترمذي (?)، وللأحاديث التي ذكرت أعلاه عن تمني بعض الصحابة الموت، وتمني مطلق الموت فيه نوع اعتراض على الله، ومراغمة للقدر المحتوم .. )) (?)
وقَالَ النَّوَوِيّ فِي الْحَدِيث التَّصْرِيح بِكَرَاهَةِ تَمَنِّي الْمَوْت لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ مِنْ فَاقَة أَوْ مِحْنَة بِعَدُوٍّ وَنَحْوه مِنْ مَشَاقّ الدُّنْيَا، فَأَمَّا إِذَا خَافَ ضَرَرًا أَوْ فِتْنَة فِي دِينه فَلَا كَرَاهَة فِيهِ لِمَفْهُومِ هَذَا الْحَدِيث، وَقَدْ فَعَلَهُ خَلَائِق مِنَ السَّلَف بِذَلِكَ، وَفِيهِ أَنَّ مَنْ خَالَفَ فَلَمْ يَصْبِر