تَبْكِ، إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَىَّ فِى صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً مِنْ أُمَّتِى لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ وَمَوَدَّتُهُ، لاَ يَبْقَيَنَّ فِى الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلاَّ سُدَّ إِلاَّ بَابُ أَبِى بَكْرٍ» (?).
قال الحافظ ابن حجر: وكأن أبا بكر فهم الرمز الذي أشار به النبي - صلى الله عليه وسلم - من قرينة ذكره ذلك في مرض موته, فاستشعر منه أنه أراد نفسه؛ فلذلك بكى. (?)
وعَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: رَأَيْتُ فِيَ الْمَنامِ كَأَنَّ الأَرْضَ تُنْزَعُ إِلَى السَّمَاءِ بِأَشْطَانٍ شِدَادٍ، فَقَصَصْتُ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: ذَاكَ وَفَاةُ ابْنِ أَخِيكَ. (?)
وفي هذا الحديث إخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - بقرب وفاته، وفيه صدق رؤيا المؤمن، واستشعار بعض الصحابة وفاته - صلى الله عليه وسلم -.
وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْيَمَنِ، خَرَجَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُوصِيهِ، وَمُعَاذٌ رَاكِبٌ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمْشِي تَحْتَ رَاحِلَتِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: " يَا مُعَاذُ، إِنَّكَ عَسَى أَلَّا تَلْقَانِي بَعْدَ عَامِي هَذَا، وَلَعَلَّكَ أَنْ تَمُرَّ بِمَسْجِدِي هَذَا، وَقَبْرِي ". فَبَكَى مُعَاذٌ جَشَعًا ; لِفِرَاقِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ الْتَفَتَ فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ نَحْوَ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: " إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِيَ الْمُتَّقُونَ، مَنْ كَانُوا، وَحَيْثُ كَانُوا ". رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادَيْنِ، وَقَالَ فِي أَحَدِهِمَا: عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ أَنَّ مُعَاذًا، وَقَالَ وَفِيهَا: قَالَ: " لَا تَبْكِ يَا مُعَاذُ، الْبُكَاءُ - أَوْ إِنَّ الْبُكَاءَ - مِنَ الشَّيْطَانِ ". (?)
وفي الحديث إخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذ بن جبل باقتراب أجله، وأنه يمكن ألا يلقاه بعد عامه هذا، وفيه شدة محبة الصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وبكاؤهم إذا ذكروا فراقه
وعَنْ أَبِي مُوَيْهِبَةَ، مَوْلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأَهْلِ الْبَقِيعِ، فَانْطَلِقْ مَعِي، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِمْ،