شيء، حتى فتح له مكة التي أخرجته، ومكن له فيها، وأرغم آناف أعدائه منهم، ومن سائر أهل الأرض، حتى دخل الناس في دين اللَّه أفواجا، وظهرت كلمة اللَّه ودينه على سائر الأديان، في مشارق الأرض ومغاربها في أيسر زمان؛ ولهذا قال تعالى: {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ} (?) " (?).

ولهذا لما انطلقت خديجة -رضي اللَّه عنها- برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى ورقة بن نوفل (?) أدرك في الحال ما الذي سيقع للرسول الكريم، فقال: (هذا الناموس الذي نزله اللَّه به على موسى يا ليتني فيها جذع، ليتني أكون حيًا إذ يخرجك قومك، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (أو مخرجي هم!). قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي) (?)، وإن الخروج من الديار ليس بالأمر الهين ولهذا فقد قارنه اللَّه عز وجل بقتل النفس فقال سبحانه: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015