وقت هو فيه مستضعف، فليعمل بآية الصبر والصفح عمن يؤذي اللَّه ورسوله من الذين أوتوا الكتاب والمشركين، وأما أهل القوة فإنما يعملون بآية قتال أئمة الكفر الذين يطعنون في الدين، وبآية قتال الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون" (?).

وإن مرحلة الاستضعاف تقتضي مثل هذا العمل بآيات الصفح والعفو والمغفرة والإعراض عن الأعداء، وعدم الانجرار أو الدخول في صراع جانبي يستهلك الطاقة، ويضعف القوة، ويؤلب الأعداء، ويفرق الأنصار، إن الإخلاص والتضحية والشجاعة والإقدام لا تكفي لتبرير التصرفات المندفعة والمجردة عن الفقه الشرعي وفهم الواقع والتقدير الحقيقي للقدرات والإمكانات، وعلى المستضعفين الحذر من أن تكون تصرفاتهم مجردة عن فقه المآلات، وفقه الأولويات، ودون النظر في المصالح والمفاسد، وعليهم الحذر من أن يتم استدراجهم لأمور وتصرفات انفعالية نتيجة للضغوط المحيطة بهم وبأمتهم، وبالمقابل فإن على المستضعفين الأخذ بالأسباب والعمل والسعي الجاد للتمكين في الأرض، وألا يجعلوا من الواقع حجة وعذرًا للبقاء في حالة الاستثناء (?).

ولقد عمل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على ضبط سلوك أتباعه بما يحول دون حصول مواجهة مع كفار قريش في المرحلة المكية، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أن عبد الرحمن بن عوف، وأصحابًا له أتوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015