قال الغزالي رحمه اللَّه: "الواقع في الرتبتين الأخيرتين -أي: الحاجي والتحسيني- لا يجوز الحكم بمجرده، إن لم يعتضد بشهادة أصل، إلا أنه يجري مجرى وضع الضرورات، فلا يبعد في أن يؤدي إليه اجتهاد مجتهد، وإن لم يشهد الشرع بالرأي، فهو كالاستحسان، فإن اعتضد بأصل، فذاك قياس وسيأتي، أما الواقع في رتبة الضرورات فلا يبعد في أن يؤدي إليه اجتهاد، وإن لم يشهد له أصل معين، ومثاله إن الكفار إذا تترسوا بجماعة من أسارى المسلمين" (?).
ولذلك نجد من الفقهاء من يُعبر عن هذه الضرورة بالضرورة الشرعية (?)، وألحق الفقهاء بالضرورة الحاجة الماسة والشديدة (?)، كما يلحق بالضرورة الحاجة العامة، قال العز بن عبد السلام رحمه اللَّه: "إذا عم الحرام بحيث لا يوجد حلال فلا يجب على الناس الصبر إلى تحقق الضرورة لما يؤدي إليه من الضرر العام" (?).
قال ابن القيم رحمه اللَّه: "الشريعة مبناها وأساسها على الحِكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها ورحمة كلها، ومصالح كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى