يُعد الدخول في الجوار من الوسائل المهمة في دفع الاستضعاف، وقد أدرك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أهمية حماية الدعوة لا سيما في المرحلة المكية، فقبل الجوار، بل وطلبه، كما أقر قبول بعض الصحابة -رضي اللَّه عنهم- للجوار، ويعد اللجوء في هذا العصر صورة من صور الهجرة والدخول في الجوار، وهو ما يوضحه هذا المبحث من خلال المطلبين التاليين:
والجار هو الذي يجير غيره، أي: يؤمنه مما يخاف منه، والجار المستجير أيضًا، وهو الذي يطلب الأمان، يُقال: جار جورًا، أي: طلب أو سأل أن يُجار، ويُقال: أجاره، أي: حماه وأنقذه، ويُقال: أجار الرجل إجارة، واستجاره، أي: سأله أن يُجيره، قال تعالى: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (?)، كما يُقال: استجار بفلان، أي: استغاث به والتجأ إليه، ومنه قوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ} (?) (?).
أما اصطلاحًا: فلا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي، فهو الحماية والتأمين، وهو نتيجة الهجرة واللجوء، وإن كان الفرق بين الهجرة والجوار أن الهجرة تتضمن الإجارة في الدار التي انتقل إليها، أما الجوار فقد يقع في نفس داره التي يُؤذى ويخاف فيها أو في الدار التي هاجر ولجأ إليها، فالهجرة يقع معها الانتقال، أما الجوار فقد يقع معه الانتقال وقد لا يقع.