المسلمين وصدعهم، فظهرت فرق الخوارج وفرق الشيعة والباطنية بأنواعها، فأدى ذلك إلى تبديد طاقة المسلمين المادية والعسكرية والفكرية بتوجيهها إلى داخلهم في صراعات دامية وطويلة، كما ظهرت فرق أخرى استمرت مدارسها حتى اليوم كالمرجئة والمعتزلة وغيرها (?). وإن كان هذا العامل دينيًا (عقديًا) في الأصل إلا أنه سرعان ما تحول إلى عامل سياسي وغلف بالغلاف العقدي لتذكية ناره واستمرارها.
* * *
لم تقتصر الفرقة بين المسلمين على تلك الفرق، بل إن الفرقة امتدت لجوانب كثيرة في حياة المسلمين اليوم، فهنالك الفرقة بسبب الانتماء للبلد بحسب التقسيم الحدودي بين الدول الإسلامية، وهنالك الفرقة داخل البلد الواحد بسبب الانتماء لمناطق معينة في الشمال أو الجنوب أو الشرق أو الغرب، أو حتى بحسب المدن أو القرى، وهنالك الفرقة داخل القبيلة الواحدة وهكذا.
وأصبح حال معظم المسلمين اليوم -إلا من رحم اللَّه- أشبه بحال أهل الجاهلية الذين كانوا يعاملون الناس بحسب ما لديهم من جاه أو أموال لا تقوى أو علم، وأشار القرآن الكريم في كثير من آياته إلى أولئك الذين اختصوا أنفسهم بامتيازات، وترفعوا على الناس، بل حتى على دعوات الرسل عليهم السلام، وفي السيرة النبوية الكثير من المواقف والأحداث التي تظهر هذا الواقع الطبقي الجاهلي (?).