بخلاف جميع أمم الأرض وأديانها الأخرى حيث اعتمدت على المشافهة والروايات التي اختلط فيها الحق بالباطل، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:"وعلم الإسناد والرواية مما خص الله به أمة محمد صلى الله عليه وسلم وجعله سُلَّماً إلى الدراية. فأهل الكتاب لا إسناد لهم يأثرون به المنقولات. وهكذا المبتدعون من هذه الأمة أهل الضلالات. وإنما الإسناد لمن أعظم الله عليه المنة أهل الإسلام والسنة، يفرقون به بين الصحيح والسقيم والمعوج والقويم. وغيرهم من أهل البدع والكفار إنما عندهم منقولات يأثرونها بغير إسناد. وعليها من دينهم الاعتماد وهم لا يعرفون فيها الحق من الباطل ولا الحالي من العاطل. وأما هذه الأمة المرحومة وأصحاب هذه الأمة المعصومة، فإن أهل العلم منهم والدين هم من أمرهم على يقين، ظهر لهم الصدق من المَين كما يظهر الصبح لذي عينين" (?) .
وقد فاقت جهود الصحابة وعلماء الأمة من بعدهم التصور البشري لشدة اهتمامهم وعنايتهم بالحديث النبوي، فهذا أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه يسافر من المدينة إلى مصر من أجل أن يتأكد من صحة حديث يحفظه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك من عقبة بن عامر رضي الله عنه. وهذا الحديث في الستر على المؤمن، فعن عطاء ابن أبي رباح قال: خرج أبو أيوب الأنصاري إلى عقبة بن عامر، يسأله عن حديث سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبق أحد سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم غيره وغير عقبة، فلما قدم إلى منزل مسلمة بن مخلد الأنصاري (وهو أمير مصر) فأخبره فعجل عليه، فخرج إليه فعانقه، ثم قال