عند البعض الآخر، وقد يظهر لكل قوم من الآيات والدلائل النفسية والأفقية ما يتبين به أن القرآن حق، وإذا ظهرت هذه الدلائل ووضحت وأعرض الإنسان عنها أو أعرض عن النظر الحق الموجِبِ للعلم بها، كان موقفه عنادًا واستكبارًا، وكان في شقاق مع الله ورسوله.

ثالثًا: والله تعالى قد شهد للقرآن بنفسه تارة وبملائكته تارة وبآياته البينات تارة، وأخبر عن هذا القرآن بقوله: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88] ، وقد أخبر الرسول بذلك في أول أمر الدعوة في مكة، وأخبر الرسول عن هذا وبهذا النفي العام الشامل للإنس والجن فيه آيات لنبوته؛ لأن مثل هذا الخبر لا يقدم عليه من يريد من الناس أن يصدقوه، إلا وهو واثق كل الثقة أن الأمر كذلك في نفسه، ولو كان عنده شك في ذلك لجاز أن يظهر كذبه في هذا الخبر، ويفسد عليه قصده، وهذا لا يقدم عليه حكيم ولا عاقل.

رابعا: ولم يثبت أن واحدا من العرب عارض القرآن، والذي حاول ذلك منهم أتى بأشياء فضحت أمره بين قومه، ومعلوم أن توفر الدواعي المعارضة للقرآن كانت موجودة لدى المشركين، ولما عجزوا عن معارضته مع توفر الدواعي عندهم، ومع الحرص الشديد على محاربته وإبطاله بكل وسيلة ممكنة، دل ذلك على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015