كانت موسوعتي عن الحروب الصليبية قد تحدثت عن جهاد المسلمين عسكرياً وسياسياً في عهد السلاجقة والزنكيين والأيوبيين، وجهود العلماء في تحريض الأمة وتعليمها وتربيتها على وجوب الجهاد والحرص على الشهادة في سبيل الله ولم يقتصر دور الأمة في المقاومة على القادة العسكريين والسياسيين فقط، بل العلماء والفقهاء والخطباء والشعراء والأدباء والتجار وعامّة المسلمين إلا إنني في الكتاب الرابع اكتشفت شيئاً جديداً، يضاف إلى الحروب والقتال والجهاد، إلا وهو الحوار، والمناظرات، والجدال مع الغزاة في عقائدهم، وكتبهم المقدسة، وأصول ديانتهم، فكان مبحث مستقلاً في الكتاب الرابع من الحروب الصليبية، تحدثت فيه عن الجدل الثقافي بين المسلمين والنصارى في عهد الحروب الصليبية، فتكلمت عن أهم موضوعات دعوة المسلمين للنصارى، كالدعوة إلى التوحيد، واعتناق الإسلام، والإيمان بالقرآن الكريم، ومناقشة عقائدهم، كنقض الأمانة، واختلاف الأناجيل، ومناقشة قولهم في المسيح عليه السلام، وإبطال التثليث، ونفي الألوهية عن المسيح، ونفي بنوة المسيح لله سبحانه وتعالى، وإبطال الصلب ومناقشة شعائرهم وطقوسهم، كالتعميد والاعتراف وصكوك الغفران وأعيادهم، وصلاة النصارى وصيامهم وتشريع النصارى في الزواج ومناقشتهم في تركهم الختان، وتعظيمهم للصور والتماثيل، وحقيقة خوارق العادات لديهم وأهم الشبه التي أثاروها كدعوى أن القرآن ورد بتعظيم النصارى والثناء عليهم، وشبهاتهم في تعدد الزوجات في الإسلام ودعوى انتشار الإسلام بالسيف ودعوى عدم جزم المسلمين بصحة القرآن لاختلاف الصحابة في جمعه وتعدد قراءاته وانتقادهم للطلاق في الإسلام، ودعو أن المسلمين وثنيون كفار، وقد ذكرت جهود القائمين على دعوى النصارى في عصر الحروب الصليبية من القادة والولاة، وجهود صلاح الدين ونور الدين والملك العادل، ويوسف بن تاشفين في دعوى النصارى، ودور العلماء، مثل صالح بن الحسين بن طلحة