ورجل آخر يدعى أبلار في الفترة نفسها نحى منحى عقلياً في تفسير بعض المعتقدات النصرانية، وكان له أتباع ومؤيدون الأمر الذي أغضب رجال الكنيسة في عصره حتى كفروه (?) وكان قد ألف كتاباً عن التثليث خالف فيه الاعتقاد السائد في عصره بين في مقدمته أنه كتبه لطلابه قائلاً: لأنهم كانوا على الدوام يبحثون عن المعقول وعن الشروخ الفلسفية ويسألون عما يستطيعون فهمه من الأسباب لا عن الألفاظ دون غيرها، ويقولون: إن من العبث أن ينطق بألفاظ لا يستطيع العقل تتبعها، وأنه لا شيء يمكن تصديقه إلا إذا أمكن فهمه أولاً، إن من أسخف الأشياء أن يعظ إنسان غيره بشيء، لا يستطيع هو نفسه أن يفهمه ولا يستطيع من يسعى لتعليمهم أن يفهموه (?) وقد أثار صاحب قصة الحضارة إلى كثرة المشككين في هذه الفترة في صحة بعض المعتقدات الكنسية وطقوس الديانة النصرانية وأن ذلك مرده بشكل كبير إلى تأثير ما ترجم من الكتب العربية إلى اللغات الأوروبية (?). وقال ايضاً في موضع آخر عن ذلك: .. ولقد لاحظنا من قبل وجود نزعة عدم الإيمان بين أقلية ضئيلة من سكان أوروبا وزادت هذه الأقلية في القرن الثالث عشر على أثر اتصال الأوروبيين بالمسلمين عن طريق الحروب الصليبية وتراجم الكتب العربية ولما تبين الأوروبيون وجود دين عظيم أخرج رجالاً عظاماً مثل صلاح الدين ... كان ذلك في حد ذاته كشفاً اضطربت له نفوسهم (?). وإشارة إلى شدة ضعف الكنيسة وإنحسار نفوذها في المجتمع الأوروبي بعد الحروب الصليبية قال أحد الكتاب الغربيين: .. لقد فشل البابا نقولا في إثارة الغرب بعد سقوط طرابلس، كما أنه كان بالغ العجز بعد الكارثة الكبرى التي حلت بعكا (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015