وَقَدْ قِيلَ أَنْشَأَتْ تُمْطِرُ أَيِ ابْتَدَأَتْ
وَمِنْهُ قِيلَ لِلشَّاعِرِ أَنْشَأَ يَقُولُ
وَإِنَّمَا سَمَّى السَّحَابَةَ بَحَرِيَّةً لِظُهُورِهَا مِنْ نَاحِيَةِ الْبَحْرِ
يَقُولُ (إِذَا طَلَعَتْ سَحَابَةٌ مِنْ نَاحِيَةٍ الْبَحْرِ) وَنَاحِيَةُ الْبَحْرِ بِالْمَدِينَةِ الْغَرْبُ (ثُمَّ تَشَاءَمَتْ) أَيْ أَخَذَتْ نَحْوَ الشَّامِ وَالشَّامُ مِنَ الْمَدِينَةِ فِي نَاحِيَةِ الشَّمَالِ
يَقُولُ إِذَا مَالَتِ السَّحَابَةُ الظَّاهِرَةُ مِنْ جِهَةِ الْغَرْبِ إِلَى الشَّمَالِ وَهُوَ عِنْدَنَا الْبَحْرِيَّةُ وَلَا تَمِيلُ كَذَلِكَ إِلَّا بِالرِّيحِ النَّكْبَاءِ الَّتِي بَيْنَ الْغَرْبِ وَالْجَنُوبِ هِيَ الْقِبْلَةُ فَإِنَّهَا يَكُونُ مَاؤُهَا غَدَقًا يَعْنِي غَزِيرًا مَعِينًا لِأَنَّ الْجَنُوبَ تَسُوقُهَا وَتَسْتَدِرُّهَا وَهَذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ
قَالَ الكميت
(مرته الجنوب فلما اكفهر ... رحلت عَزَالِيَهُ الشَّمْأَلُ) وَأَمَّا قَوْلُهُ فَتِلْكَ عَيْنٌ فَالْعَيْنُ مَطَرُ أَيَّامٍ لَا يَقْلَعُ
كَذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِاللُّغَةِ وَالْخَبَرِ
قَالُوا وَالْعَيْنُ أَيْضًا نَاحِيَةُ الْقِبْلَةِ
وَالْعَرَبُ تَقُولُ مُطِرْنَا بِالْعَيْنِ وَمِنَ الْعَيْنِ إِذَا كَانَ السَّحَابُ نَاشِئًا مِنْ نَاحِيَةِ الْقِبْلَةِ
وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْعَيْنَ مَاءٌ عَنْ يَمِينِ قِبْلَةِ الْعِرَاقِ
وَغُدَيْقَةٌ تَصْغِيرُ غَدَقَةٍ وَالْغَدَقَةُ الْكَثِيرَةُ الْمَاءِ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (مَاءً غَدَقًا) الْجِنِّ 16
قَالَ كَثِيرٌ
(وَتَغْدِقُ أَعْدَادٌ بِهِ وَمَشَارِبُ) يَقُولُ يَكْثُرُ الْمَطَرُ عَلَيْهِ
وَأَعْدَادٌ جَمْعُ عِدٍّ وَهُوَ الْمَاءُ الْغَزِيرُ وَقَدْ يَكُونُ التَّصْغِيرُ هُنَا أُرِيدَ بِهِ التَّعْظِيمُ كَمَا قَالَ عُمَرُ فِي بن مَسْعُودٍ كُنَيِّفٌ مُلِئَ عِلْمًا
وَقِيلَ إِنَّ قَوْلَ بن عمر كان لصغر قد بن مَسْعُودٍ وَلَطَافَةِ جِسْمِهِ